العلوم الاجتماعيةعلم النفس

3 حواجز عقلية تمنعك من عمل ما ترغب به

مقال لـ دانييلا بالاريزو

الأخبارُ السيئةُ هيَ أنَّ جميعنا نواجهُ حواجزَ عقليةً قويةً للغايةِ تمنعُنا من محاولةِ تحقيقِ أهدافنا. الأخبارُ الجيدةُ هي أنَّه باستطاعتِنا التغلُّبَ على تلك الحواجزِ. إليك الطريقة وفقًا لعالمةِ النفسِ المعرفيِّ ( أماندا كروول ).

هذا المنشورُ هو جزءٌ من سلسلةِ “كيف تصبحُ شخصًا أفضل” التابعةِ (لتيد). وتحتوي كلُّ سلسلةٍ على نصائحَ مفيدةٍ من شخصٍ ما في مجموعةِ (تيد)، جميعُ المنشوراتِ توجدُ هنا  للتصفح.

فكِّر في آخرِ مرةٍ قلتَ فيها أنَّك ترغبُ بالقيامِ بشيءٍ ما.  رُبَّما أردتَ اتباعَ نظامٍ صحيٍ، أو أن تكتبَ يومياتك، أو  أن ترتبَ منزلَك. ولكن على الرغمِ من الرغبةِ التي تعتريكَ لتحقيقِ الهدفِ إلا أنكَ لم تتمكن من قطعِ إلا خطواتٍ قليلةٍ في ذلك الطريقِ. لكن لماذا؟

يوجدُ مسمًى آخرَ لهذه الظاهرةِ أطلقتهُ مدربةُ علمِ النفسِ (أماندا كروول) بمدينةِ نيويورك ألا وهو : الفشلُ الدفاعيُّ.

قدَّمتْ (كروول) مثالاً من حياتِها الخاصةِ لتوضيحِ ذلك. وقد كبرتْ وهيَ تكرهُ ممارسةَ الرياضةِ وكانت تقولُ دائمًا ” سأركضُ عندما يطاردُني أحدُ الدببةِ.”هذا النفورُ” دامَ لمدةِ 34 سنةً”. وذكرت ما تحدَّثتْ بهِ في برنامجٍ  لـ TEDxHarrisburg الحواريٍّ ” حتى استيقظتُ ذاتَ يومٍ و تعتريني آلامُ ظهرٍ دائمةٍ وبجانبي طفلٌ رضيعٌ.” إذ رغبت بأن تكونَ تلكَ الأمُّ التي لطالما طمحت إليها، “الأمُّ التي تلاحقُ أطفالَها في الحديقةِ أو التي تحملُهم وتأرجِحُهم” كما قالت –  أنها تحتاجُ لأنْ تكونَ لائقةً بدنيًّا.

أخبرتْ زوجَها في يومِ أحدٍ بأنَّها ستذهبُ للصالةِ الرياضيةِ بشكلٍ مستمرٍّ بدءًا من ذلكَ الأسبوعِ. جاءَ يومُ الأثنينِ ولم تذهبْ إلى هناك.  ومرَّتْ الأيامُ والأسابيعُ والشهورُ بدونِ أن تخطو قدمُ (كروول) مبنى الصالةِ الرياضيةِ. وقد قالت: قصدتُ وعزمتُ حقًّا الذهابَ إلى الصالةِ الرياضيةِ، ولكن  لماذا لم أذهبْ إليها؟!

بحثتْ (كروول) لمدةِ ثلاث 3 سنواتٍ لتجيبَ على هذا السؤالِ. “الفشلُ الدفاعيُّ” هو مصطلحٌ استنتجتهُ ليتضمَّنَ معرفةَ ما يحصلُ عندما نرغبُ بتحقيقِ شيءٍ ما ولكن لا نقومُ بهِ. قالتْ (كروول): لقد وجدتُ ثلاثةَ حواجزٍ عقليةٍ بغايةِ القوةِ تبقيكَ محتجزًا في حلقةِ الفشلِ الدفاعيِّ. وشرحتْ أدناه تلك الحواجز وكيف يمكنُ أن نتخطَّاها.

الحاجزُ الأولُ: ” أعتقدُ أنَّنِي لا أستطيعُ القيامَ بذلك.”

 

قررتْ ( كروول) بعدَ رغبتِها في ممارسةِ الرياضةِ بأنْ تذهبَ للجريِ. وفي يومِها الأولِ، ارتدتْ حذائَها للجريِ وبدأتْ بالهرولةِ. ومع ذلك كانتْ تلبسُ بنطالَ اليوغا الذي لمْ يكنْ فيهِ مكانٌ لتضعَ هاتفَها الذي تحتاجُهُ لأنَّها تستخدمُ تطبيقَ الخمسةِ آلافِ خطوة. لقد كنتُ “في حالةٍ مزريةٍ، وكما قالتْ: عندما أجرِي كنتُ أمسكُ بنطالي بيدٍ وبالأخرى كنتُ أمسكُ هاتفي.”

وقدْ نتوقفُ عن المحاولةِ حينَ تكونُ بدايةُ التجربةِ متزعزعةً. قالتْ (كروول): ستفكرُ في مكانٍ ما في قلبِك أنَّكَ لا تستطيعُ فعلَ ما يتوجبُ عليك عملُهُ وستعتقدُ أيضًا بأنَّ الأشخاصَ الآخرينَ لديهِم الموهبةُ أو الجيناتُ المناسبة التي تجعلُهم يقومونَ بما يرغبونَ بهِ، ولكن تلكَ الأشياء لا توجدُ لديكَ. وأضافتْ: إذا كنتَ تؤمنُ بأنَّ لُبَّ النجاحِ هما الموهبةُ أو الجينات فإنَّك مخطئٌ في هذهِ المسألةِ بشدةٍ. (لم تسمحْ كروول لبدايتِها المتعثرةِ أنْ توقِفَها – في نهايةِ المطافِ أكملت السباقَ الثلاثيَّ  بالكاملِ ونصفَ سباقِ الماراثون.)

كيفَ تتفوق على هذا الحاجزِ:  حاول التفكيرَ في كلِّ فشلٍ كدافعٍ آخرَ للتقدمِ نحوَ الهدفِ وتحقيقِ ما ترغبُ به بما أطلقتْ عليه كروول دويك من جامعةِ ستانفورد(  شاهد حوارها في برنامج تيد) و غيرهم من الباحثينَ في علمِ النفسِ ” النمو الذهني”. قالتْ كروول: عندما يعِي العقلُ هذا النوع من الأفكارِ ستصبحُ الأخطاءُ بلا فائدةٍ وتفقدُ أهميتَها. ولم تَعدْ دليلًا يثبتُ بأنَّه ما كان يجبُ عليك المحاولة. فهنالكَ الكثيرُ لنتعلَّمَه، لأنَّ أصلَ النجاحِ ليسَ الموهبةَ وإنما المجهودُ الذي نبذلُه مع مرورِ الوقتِ لإنجازِ المهام. في المرةِ القادمةِ عندما تشعرُ بأنكَ قصَّرتَ في عطائِكَ قلْ لنفسِكَ: إنَّ هذا الشيءَ يضعُ لي خطوةً صغيرةً لأقتربَ من هدفي في هذهِ الحياةِ.


الحاجزُ الثاني: ” منْ هُم مثلي ليسوا جيِّدين في هذا الشيءِ.”

 

نحنُ نخلقُ هويَّتَنا على مرِّ السنينِ من العملِ والتجاربِ والأفكارِ العميقةِ حولَ مَنْ نكونُ ومِن أينَ أتينا وإلى ما نطمحُ أن نكونَ عليهِ في المستقبلِ. والكثيرُ منا يجدُ هذا الأمرَ صعبَ المنالِ. وقد تمنحُنا هويتُنا إحساسًا بالمعنى ومكانًا في هذا العالمِ ولكنَّها في بعضِ الأحيانِ تعيقُنا عندما نريدُ الوصولَ إلى أهدافٍ جديدةٍ.

حينما اعتُمِدَتْ كروول كمدربةٍ واجهتْ صعوبةً للترويجِ عن نفسِها وإيجادِ العملاءِ. خطَّطتْ لحضورِ دوراتٍ مختلفةٍ على شبكةِ الإنترنت، ولكن عندما يقتربُ موعدُ أي حدثٍ تقررُ دائمًا أنها منشغلةً كثيرًا بأمورٍ أخرى. أدركتْ كروول بعدَ إجراءِ عدةِ بحوثٍ حولَ موضوعِ ” الفشلِ الدفاعيِّ أنها تتصارعُ مع نفسِها لأنَّ ذلك كانَ ضدَّ هويتِها. وأضافتْ (كروول) إن هذا شعورٌ مشتركٌ، فالكثيرُ منَّا سيتجنبُ فعلَ أيِّ شيءٍ بإمكانِه تهديدُ شعورنا بذاتِنا. وفي حالتِها اعتقدتْ نفسَها “شخصا برغبة وتطلعات واضحة” وتقولُ: حينما روجتُ عن نفسي وبيعِ خدماتي شعرتُ بعدمِ الأصالةِ – شعرتُ حقًا أنَّني انتهازيَّة.

كيفَ تتفوقُ على هذا الحاجزِ:  الجوابُ بسيطٌ. قالتْ (كروول) :  ابحثْ عن أشخاصٍ يشبهونك  يقومونَ بأشياءٍ مماثلةٍ وشاركْ مخاوفَكَ معهم”. وأضافتْ قائلةً: كان يجبُ أن أجدَ شخصًا ذا رغبةٍ وتطلعاتٍ واضحةٍ وبارعًا في التسويقِ لأعمالِه ليساعدَني ولأتعلَّمَ منه .  وأظهرَ هذا النظيرُ طرقًا لتسويقِ أعمالِها دونَ الشعورِ وكأنها تفعلُ ذلك. فكلَّما اقتربتَ من تحقيقِ هدفِك أو نشاطِك مع هويتِك، كلما سهُلَ عليكَ المضيُّ قدمًا.


الحاجزُ الثالثُ: “أشعرُ و كأنَّهُ يجبُ عليَّ القيامُ بهذا الشيءِ ولكنَّنِي لا أريدُ ذلكَ.”

 

وضَّحتْ كروول ” فإنَّكَ سرًّا لا ترغبُ بالقيامِ بذلكَ الشيءِ حقًّا ولكنكَ تعتقدُ بأنَّهُ يفترضُ عليكَ الشعورُ بالرغبةِ نحوَهُ. وبكلِّ بساطةٍ إنَّكَ تقدِّرُ الأمرَ لأسبابٍ خاطئةٍ. وقالتْ أنَّ هناكَ سببينِ رئيسينِ يحددان لماذا نريدُ تلكَ الأشياء. وفي المقابلِ يمكنكَ تقديرُ تلكَ الأشياءِ حينما نشيرُ إليها بأسبابٍ ذاتيةٍ، وهذهِ الأسبابُ تأتي من داخلِكَ وبالتحديدِ من اهتماماتِكَ وفضولِكَ أو آمالِكَ البعيدةِ وأحلامِك. ومن الناحيةِ الأخرى أضافتْ بأنَّ هنالك عواملَ خارجيةً مثلَ ” كلُّ الناسِ الرائعينَ يفعلونَ ذلكَ” أو ” أمي ستفتخرُ بي” أو ” مَرْحى! سأكونُ محبوبًا.”

قالتْ كروول: دعنا نقولُ بأنَّنا نحاولُ الالتزامَ بميزانيةٍ، ووجدتَ بأنك تصرفُ الكثيرَعلى وجبةِ الغداءِ لذلكَ قررتَ بأنْ تحملَ غداءَكَ معكَ في حقيبةِ الطعامِ. وفي يومٍ ما نسيتَ غداءَكَ وطلبتْ منكَ زميلتُك بأنْ تخرجَ للخارجِ معها. وهنا ستصادفُ خيارين: إما أن تأكلَ معها وتصرفَ 25 دولارًا على تلك الوجبةِ أو أن تشتري لوحَ بروتين بدولارين من آلةِ البيعِ؟ إذا كنتَ تدَّخرُ مالكَ لأسبابٍ داخليةٍ – لقد خطبتَ للتوِّ وتدَّخرُ مالًا للمنزلِ والأطفالِ- ، فبتلكَ الطريقةِ على الأرجحِ ستلتزمُ بالخطةِ التي حددتَها. ولكن لو كنتَ تفعلُ ذلكَ لأسبابٍ خارجيةٍ،  – تريدُ أن تتفوقَ على أختِكَ بالادِّخارِ- من الأرجحِ أنكَ ستتناولُ العشاءَ في الخارجِ ولكن لا يكفي بأن توازنَ بين هذا الدافعِ والرغبةِ اللذان يراودانك في الوقتِ ذاتِهِ لتناولِ الطعامِ في الخارجِ مع صديقِك. وهذا ينطبقُ على أيِّ شيءٍ تواجهُ مشكلةً فيه .

كيفَ تتفوقُ على هذا الحاجزِ:  فكِّرْ في أسبابِكَ الداخليةِ وفي التحفيزِ الذي يصاحبُ سببَ رغبتِكَ في القيامِ بالشيءِ الذي تقولُ بأنَّكَ ترغبُ بالقيامِ بهِ، كمصدرٍ للطاقةِ الشخصيةِ الخاصةِ بكَ، والتي يمكنكَ الاستفادةَ منها كلما احتجتَ إليها، ومن المؤكدِ بأنَّك ستحتاجُ إليها. قالتْ كروول: إذا كان العملُ الذي ترغبُ بالقيامِ بهِ صعبًا، سيكونُ عندكَ دافعٌ في تلكَ اللحظةِ للهروبِ. ولكنَّ اهتماماتِكَ الداخليةِ ستبقيكَ متيقِّظًا للخطوةِ القادمةِ التي يجبُ عليكَ القيامَ بها.

لو كنتَ تعملُ فقط بالأسبابِ الخارجيةِ عند قيامِكَ بعملِكَ أو هدفِكَ ستقررُ بأنَّ ذلكَ لا يستحقُّ المتابعةَ. ولكن لو كنتَ تشعرُ بذلكَ في أعماقِ قلبِك، كما قالتْ: سيتوجبُ عليكَ رسمُ طريقٍ مضيءٍ بينَ الأشياءِ التي ترغبُ بالقيامِ بها وبينَ آمالِكَ وأحلامِكَ. وبعد اكتشافِكَ لهذا الإلهامِ الأساسيِّ، قمْ بكتابتِهِ على قصاصةٍ ورقيةٍ واحتفظْ بها في محفظتِكَ. قالتْ كروول: عندما  تأتي تلكَ اللحظةُ التي تشعرُ فيها بأنَّكَ تريدُ تركَ كلِّ شيءٍ، يجبُ عليكَ إخراجَ تلكَ الورقةِ من محفظتِكَ،” أقرأْ الورقةَ ودعها تقومُ بشحنِ طاقاتِكَ”.


 

بقلم: دانييلا بالاريزو | ترجمة: مريم الفزاري | تدقيق الترجمة: فاطمة الدلالي و مريم الريامي | تدقيق لغوي: لجين السليمي | تحرير: بسام أبو قصيدة | المصدر

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى